وقفات بين الجدران في ذكرى الفرقان
بتاريخ 1/1/2010م
بقلم الدكتور زهير عابد
" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ". تأتي علينا الذكرى الأولى للرصاص المسكوب وما زلنا نعاني من الحصار وسياسة الإغلاق وتجفيف المنابع على أهل غزة ، ومن قبله الجدار الأسمنتي العنصري في الضفة ، ولازال الصمت مطبقاً على ما تقوم به الصهيونية من عزل بين الأرض والشعب، وجاء جدار الأخوة في العروبة والدين ليشاركوا في ما تخطط له دولة قطعان المستوطنين من عمليات اغتصاب للأرض وفصل عنصري، وإبادة جماعية، فعاراً على الشرفاء إن يصمتوا ويشاركوا المجرمين إبادتهم لأهلنا في غزه .
فما قامت به الصهيونية الإسرائيلية في غزة لم يكن مجرد جريمة حرب، بل كان أيضاً استعراضاً مرعبا لتداعي الحضارة الإنسانية ولفشل التشريعات والفلسفات وكل المدارس الأدبية ... فمازالت مشاهد من الأجساد المتفحمة وعصير اللحم الحي ومياه الأرواح الساخنة تدفق من عيون الأطفال والنساء والرجال....لم تفارق مخيلة أطفالنا أو نسائنا، ولا كبارنا أو صغارنا، ولم نقدر أن ننسى أنها في نفس الوقت لم تؤثر في زعماء أمة هي خير الأمم، الذين لم يقدروا على عقد قمة الإدانة والاستنكار...
وبعد سنة كاملة بدلاً أن تصل المساعدات الموعودة إلى أهل غزة، نفاجأ بحرب أخرى أكثر قذارة من السابقة لها، حرب الجدار المسكوب الذي سوف يمنع الإسرائيليين من اختراق الأمن القومي المصري، ولا يخفى على أحد أن الأمن المصري مستباح لكل الصهاينة في العالم، فكل يوم يزور الحاخامات اليهود قبور أجدادهم في البحيرة، ولا خوف، ولكن الخوف هو من هجرة الفلسطينيين إلى سيناء، عجباُ لهذا القول، فقد حدثت الحرب على غزة وبقينا صامدين ولم نغادر، ولن نغادر، حتى لو اجتمع الجن والأنس، فإيماننا بالله قوي، فنحن في رباط إلى يوم الدين، ولكن العار كل العار إلى من يدعي أنه عربي ومسلم ويفتي بشرعية الجدار ومنع الطعام والشراب، ويفكر بمنع الهواء؛ لكي ترضى عنه اليهود والنصارى، قال تعالى:" وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى ".
يا من تطمعون بالمزيد من المساعدات الأمريكية والصهيونية فيقوا، لن تمكثوا كثيراً، فسوف يزبلكم التاريخ ويأتي الله بقوم خير منكم ، أنه لعار على أمتينا العربية والإسلامية أن تشاهد أبناء بني جلدتهم يحاصرون وهم يصمتوا صمت البوم وينعقون نعيق الغربان على حصار غزة، ولكن ليتذكر الجميع أن كل من على الأرض لن يلغي إرادة الشعب الفلسطيني في البقاء والمطالبة بالعودة ، وحقه في تقرير مصيره ومقاومة كل مغتصب لأرضه.
ولا يهم إن كان الجدار "العنصري" الفاصل الذي أنشأته مصر، مكوناً من الفولاذ أو من الكرتون المقوى، المهم إن إرادةً فولاذيةً لدى الشعب الفلسطيني بمقاومة كل أنواع العنصرية، فقال تعالى:" وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ " فمهما فعلت الأنظمة المخالفة من بناء جدران؛ فلن يثني إرادة شعب يؤمن بأن الرازق هو الله، قال تعالى:" قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ " .
وبالرغم من الصب والسكب والعنصرية لا يزال يعيش شعبنا في قطاع غزة بإرادة أقوى من الجميع مستعينا بالله عزة وجل في الوجود على هذه الأرض مقتدياً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس".
تعليقات
إرسال تعليق