إعلام ما بعد النكبة في الذكرى 63



إعلام ما بعد النكبة في الذكرى 63






إعلام ما بعد النكبة في الذكرى 63


بقلم د. زهير عابد



لا شك أن ذكرى حلول النكبة هذا العام تأتي في ظروف صعبة وغاية في التعقيد نتيجة ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من هزات سياسية وأحداث غير عادية في تاريخه من جراء الانقسام ،

 وعلى الرغم من ذلك تبقى ذاكرة النكبة محفورة في ذاكرة الشعب الفلسطيني من قسوة أحداثها ومن تأثير نتائجها عليه، فهي في الذاكرة أينما رحل أو حل الفلسطيني . كما ما تمارسه دولة الاغتصاب والإرهاب المنظم من حملة التزوير والتشويه والتشويش السياسي والأخلاقي لحقائق والتاريخ مستمرة، وتخطط لها وترصد لها الميزانيات الضخمة وتسخر لها وسائلها المختلفة وخاصة الإعلامية منها ،


 في حين الإعلام الفلسطيني والعربي يعمل على استحياء وخجل من التاريخ ، ولم يستغل الإعلام العربي التطور للغزو الفضائي والمتلفز الذي انتشر انتشار النار في الهشيم في فضح هذه الممارسات ضد الشعب الفلسطيني.



هدف تغطية النكبة : أن تكون التغطية الإعلامية ضمن رؤية إعلامية واضحة، وتعمل على تحقيق أهداف محددة. من خلال خطة إعلامية واضحة الأهداف والتي يمكن من خلالها بناء إستراتيجية تعتمد عليها المؤسسات الإعلامية الفلسطينية والعربية .

ولتحقيق هذا الهدف يجب أن نسأل أنفسنا التساؤلات التالية :




-هل الخطاب الإعلامي الفلسطيني والعربي لعب دورا تجاه النكبة ؟
- ما أسباب قصور وضعف الإعلام العربي -



 هل يستطيع الإعلام ترتيب أولويات النكبة والقضية وخلق بارقة أمل في العودة لدى المواطن ؟



-ما دور الإعلام في تغير الصورة النمطية
عن النكبة في ذاكرة الجمهور العربي والفلسطيني؟-



 إلى أي مدى يمكن للإعلام الوصول إلى الرأي العام العالمي، وإلى صناع القرار لدى الدول ذات التأثير في قضيتنا لشرح لهم نكبة الشعب الفلسطيني ؟
- هل يمكن معالجة الواقع الإعلامي الفلسطيني والعربي تجاه النكبة ؟



 وفي المحاور التالية إجابة على هذه التساؤلات :

الخطاب الإعلامي الفلسطيني والعربي في ذكرى النكبة :- لو أردنا أن نشخص دور الإعلام الفلسطيني والعربي وخطابه الإعلامي فنجد إلى الآن الخطاب العربي منقسم على نفسه، فمنه من يغلب الخطاب العاطفي على الخطاب العقلي والفكري، ومنهم يغلب الخطاب العقلي على الخطاب العاطفي، إذا هناك تباين للخطاب الإعلامي الفلسطيني والعربي ، وهذا التباين جعل عدم وضوح رؤية للإعلام تجاه ذكرى النكبة أو القضية الفلسطينية بشكل عام، إذا هناك قصور وضعف أداء الإعلام ووظائفه تجاه النكبة والقضية الفلسطينية إلى حد ما ، فأسباب ضعف الإعلام الفلسطيني والعربي لا تختلف كثيرا عن أسباب الضعف العربي في المجالات كلها




(السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية)

، والتي جعلت العالم العربي في مؤخرة الحضارة، وتعيق التطور.فمن أبرز أسباب ضعف الإعلامي الفلسطيني والعربي :غياب الرؤية الواضحة حول دور الإعلام في المجتمع الفلسطيني والعربي بالرغم من إدراك الموطن العربية لأهمية الدور الذي يقوم به الإعلام مع التطور الحاصل في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات .عدم وجود استقلالية الإعلام عن السياسة الداخلية فهو رهينة للسياسة الداخلية ، وكثير من وسائل الإعلام تخدم القطرية على حساب الوطنية والهوية العربية الكاملة الشاملة.ضعف الاستثمار في مجال الإنتاج الإعلامي الوثائقي والبرامج المميزة، الذي بدوره يخلق نوع من الثقة بين المواطن العربي والإعلام.



وفي نفس الوقت حتى نكون منصفين فأننا لا نستطيع أن القول بأن الإعلام مقصر تماما، وخاصة أن هناك بعض الوسائل تعمل بشكل مميز مثل الجزيرة والأقصى والقدس وتلفزيون فلسطين.

فمثلاً قناة الجزيرة في موضوع النكبة تحديداً وقضية فلسطين قد تكون فلسطينية أكثر من الفلسطينيين أنفسهم ، رغم أنها قناة عربية شاملة وتقدم كل ما هو جديد يثري ثقافة وحاجة المشاهد الإخبارية ، لذا نقدم لها كل التحية والقائمين عليها والعاملين فيها لما يبذلوه من جهد في التوعية بقضيتنا .




فقناة الجزيرة حملت على عاتقها شعار ( حقٌ يأبى النسيان) ، فقد عرضته فإطار عام من خلال شهادات المنكوبين وذكرياتهم عن النكبة ومشاعرهم الجياشة تجاه التمسك بحق العودة والتعويض الذي لا يمكن أن يتغير أو يتقادم بفعل الواقعية والظروف السياسية وحالة الوهن والضعف والهزيمة. ونجحت القناة في عرض صور فوتوغرافية تتحدث عن نفسها مؤكدة القاعدة الإعلامية " رُبَ صورة صامتة تخدم أكثر من ألف قصة". وكذلك عرضها الشبه يومي لتاريخ البلدات المدمرة والمجازر ونتائج النكبة فيها.


دور الإعلام في ترتيب أولويات قضية النكبة : من النظريات المهمة والتي درست تأثير وسائل الإعلام على الجمهور نظرية ترتيب الأولويات أو الأجندة ، والتي مازالت موضع اهتمام العديد من الباحثين الإعلاميين ، وهنا ليس المجال لدخول حول تفاصيل هذه الدراسات، ولكن ما يهمنا في هذا المقام هو أن هذه النظرية فيها الكثير من الصحة، ولا يمكن تجاهلها في دراسة الإعلام.


 فالإعلام يمتلك دورا فاعلا في ترتيب الأولويات والتأثير في عقول الناس، كما أنه يعمل على ترتيب درجة أهمية الأحداث. فإذا اهتمت وسائل الإعلام بقضية النكبة ووضعتها في خبرها الرئيسي أي في سلم أولوياتها فتكون النتيجة أن المواطن العربي والفلسطيني وفي أنحاء العالم النكبة من ضمن أولوياته واهتمامه وعلى جدول أعماله.


حيث من أهم وظائف الإعلام التوعية والتثقيف والأخبار لذا يمكن :

 أن يقوم الإعلام بتوعية المواطن الفلسطيني والعربي بتفاصيل النكبة وتسليط الضوء على أحداثها والجرائم التي ارتكبت أثناءها وتطورها ومستقبلها.

 والعمل على مساندت الوسائل التقليدية.(الحكايات التي نقلها لنا الأجداد) أو واقع المعاش في التواجد في المخيمات في الداخل والخارج والشتات. وكذلك في تسخير وسائل الإعلام المختلفة وخاصة في الوقت الحالي الانترنيت الذي يستعمله الملايين من الناس وجعل العالم قرية صغيرة بل من البيت يمكن متابعة العالم بأسره ، لفضح الممارسات الإسرائيلية وتعريرتها للرأي العام العربي والعالمي من خلال بث الأفلام الوثائقية من خلال المدونات .



دور الإعلام في تغيير الصورة النمطية لدى الجمهور عن النكبة :

يمكن قيام وسائل الإعلام بتغير الصورة النمطية عن النكبة من الحزن واليأس وحالة الإحباط التي يعيش فيها المواطن الفلسطيني والعربي؛ إلى الأمل في التحرير والعودة من خلال الآتي: وجود قناعة لدى وسائل الإعلام والقائمين بالاتصال فيها بأهمية القضايا التي يطرحونها، واعتبارها من ضمن أولوياتهم واهتماماتهم وجزء من الأهداف الوطنية ،

من خلال تجسيد إحساسهم بالقضية في رسائلهم الإعلامية ، ومصداقية هذه الرسالة التي تنعكس تأثيرا على عقلية الجمهور وتفكيره ، وتعمل على تغير الصورة النمطية الانهزامية الناتجة عن النكبة في أذهانهم إلى صورة نمطية بالحق والشرعية في الوطن وأنه سوف يعود مهما طال الزمن
 " وتلك الأيام نداولها بين الناس ".


 وجود هدف سياسي إعلامي واضح وثابت في ضوء إطار محدد يتم من خلاله تصور الأداء الوظيفي للإعلام الفلسطيني والعربي ، لا أن يكون منذ في البداية كل فلسطين واليوم الضفة وغزة ، والدولتين لإرضاء أمريكا وإسرائيل والصهيونية العالمية. توجيه الإمكانات المادية والبشرية والفنية التي يتمتع بها الإعلاميين الفلسطينيون والعرب إلى إنتاج مادة إعلامية ممنهجة على أسس علمية وتكنولوجية حديثة قادرة على التصدي للمادة الإعلامية الإسرائيلية،
وتكون ذات تأثير قوي على المواطن الفلسطيني والعربي، وقادرة على إقناع العالم بعدالة القضية الفلسطينية.الموضوعية والمصداقية والشفافية في تناول ذكرى النكبة بشكل خاص والقضية الفلسطينية بشكل عام ، وتعبر عن واقع الألم الذي يعيش في وجدان المواطن الفلسطيني والعربي من ذكرى النكبة، مع إدراك حقيقي لميول الجمهور واهتماماته حتى تجد في النهاية إذن صاغية وقلب مطمئنه لها .



توصيات :

-وجود خطة إعلامية واضحة الرؤى للعمل الإعلامي الفلسطيني والعربي وتوحيد الخطاب الإعلامي تجاه أحداث النكبة .

-الاهتمام بالأفلام الوثائقية والمسرحيات والمسلسلات التي تخدم القضية الفلسطينية لتكون في ذاكرة الجيل . - لا بد من وضع إستراتيجية واضحة تشترك فيها وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية على تخصيص ساعة بث واحدة يوميا لتقديم برامج منوعة عن النكبة واللجوء وتعرية جرائم الاحتلال الإسرائيلي وفضحه عربيا ودوليا .

-حث المستثمرين ورجال الأعمال الفلسطينيين والعرب على إنشاء فضائية متخصصة تحمل هموم العودة والمنكوبين وتحمل على عاتقها القضية الفلسطينية بعيدة عن المزاجات السياسية وتقلباتها .

- ضرورة قيام كليات الإعلام والصحافة في الجامعات الفلسطينية والعربية والإسلامية بتوجيه الطلبة لعمل قصص تلفزيونية وأفلام وثائقية عن النكبة تلامس الجوانب الوطنية الإنسانية وفضح الممارسات الإسرائيلية .

- حث الإعلام الفلسطيني للعب دور أكثر فاعلية وتحمل المسؤولية الأدبية والأخلاقية للمساهمة في رفع الروح المعنوية والتوعية بالنكبة وقضية الشعب الفلسطيني لتكون حية في الذاكرة .-ضرورة أن تقوم وسائل الإعلام المختلفة بتوثيق ذكريات النكبة من جيل الأجداد والآباء (كبار السن) خاصة من حضر منهم النكبة قبل أن يتوفاهم الله برحمته.-التسجيل في ذاكرة التاريخ : من خلال توثيق وأرشفة الأحداث والجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني في 1948م وطرده من أرضه وتشتيته في كل مكان على هذه المعمورة. وهذه الوثائق تبث وتنشر من خلال وسائل الإعلام من خلال إستراتيجية أو حملة إعلامية مستمرة إلى حين تحرير فلسطين.


- نقل الموروث الفلسطيني إلى الأجيال القادمة والشرح للأجيال القادمة بتفاصيل النكبة التاريخية والتي لا تتم إلا من خلال وسائل الإعلام المختلفة وهو عصر الجيل الحالي والأجيال القادمة .

-- فضح سياسة الاحتلال الإسرائيلي المستمرة لأرضنا من خلال ما يقدمه الإعلام من فهم عميق للقضية الشعب الفلسطيني والنكبة على وجه الخصوص.


-العمل من خلال وسائل الإعلام المختلفة على تعميق الفهم بانتماء الشعب الفلسطيني إلى أرضه وقراه ومدنه التي طرد منها ، وضرورة ارتباطه وتلاحمه وتكاثفه في مسيرة التحرير والاستقلال التام على كامل أرضه فلسطين .


-عندما يغطي الإعلام النكبة، تكون التغطية واضحة الرؤى حول حق الشعب الفلسطيني بالأرض التي احتلت عام 48، وأن أحياء ذكرى النكبة يعني التمسك بالحق في تلك الأرض، لا البكاء على أطلال الماضي الحزين.



بل كيف نتغلب على الماضي ونخطط للمستقبل وكيفية العودة ، لا أن نتفنن في كيفية الاعتراف بإسرائيل أو كيف نتنازل عن فلسطين من أجل أن تقبلنا أمريكا وإسرائيل جيران لها وأن يقال بأن السلام هو الخطة الإستراتيجية.


-أن لا يكون مضمون الرسالة سببا للإحساس بالهزيمة والاستكانة، بل يكون دافع في التمسك بالأرض والحق في العودة والوطن الكامل ، فكثير من المواطنين اختلط عليهم الأمر فمنا من يقول الوطن الضفة وغزة ، ومنهم من يقول فلسطين فأين تكون البوصلة الحقيقية ، لذا يجب أن تكون الأهداف واضحة والرؤية لها أوضح منها .

-عدم التركيز في التغطية الإعلامية على الشعور بالعجز وعدم وضوح الطريق إلى المستقبل في استعادة الحقوق. في ظل الانقسام بين برنامج المقاومة والمفاوضة . وهذا يسلب المواطن من مشاعر الأمل في البرنامجين ، لما نجده فيما تقوم به وسائل الإعلام من الترويج لبرنامج على حساب البرنامج الأخر . وبالتالي يفقد شعور المواطن في الأمل في المستقبل القريب أو البعيد بوجود حل للقضية .



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دور الإعلام في دعم الحوار والسلم الأهلي

حرية الرأي والتعبير في الصحافة والإعلام