قتلت حرية الصحافة بدم بارد ...تحت شعار الديمقراطية

قتلت حرية الصحافة بدم بارد ...تحت شعار الديمقراطية


بقلم د. زهير عابد

ونحن نحتفل باليوم العالمي للصحافة ، نجد أن حرية الصحافة تتراجع وتنتهك في كل مكان بغض النظر عن الأنظمة السائدة في هذا البلد أو ذاك، بحيث أصبح كل نظام يفسرها حسب أهواءه ومصالحة الذاتية الضيقة ، وتحقيق غايته ، فأصبحنا لا نرى صحافة حرة ، بالرغم أن الحرية هي الركيزة الأساسية التي تمنح الصحافة دورها المنوط بها ، فهي تعتبر الرقيب على باقي السلطات في الدولة كونها تمثل السلطة الرابعة ، وحرية الرأي والتعبير هدف أنساني سعى إلي تحقيقه الإنسان منذ وجوده على الأرض ، ولكن هذا الهدف صدم بالأنظمة الدكتاتورية التي كبلته وبذلت كل ما في وسعها من أجل كبته والحد منه ، تحت حجج واهية تفسرها الأنظمة بحماية الأمن القومي، والنظام العام ، من خلال سياسة كتم الأفواه ، أو الاعتقال ، أو التصريح بمخالفة القانون .

وقد كفلت القوانين الدولية حرية التعبير كما جاء في الإعلان العالمي على أن كل شخص له حق التمتع بحرية الرأي والتعبير ، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة ، وفي التماس الأنباء والآراء وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأية وسيلة دونما اعتبار للحدود .

فمن المستحيل أن نعزل التعبير عن الرأي ، فالديمقراطية تقتضي المشاركة ، والمشاركة تقتضي المعرفة ، والمعرفة تشترط الحق في التعبير عن الرأي ، أي حق نشر المعرفة ، والحق في تلقيها .

ونتيجة الصراع الدائر بين السلطة والصحافة فقد ترسخت فكرة أن تحرير الصحافة من سيطرة السلطة هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق التعددية الصحفية وتنوعها ، وإدارة المناقشة الحرة في المجتمع ، إن السوق الحرة للصحافة قادرة على توفير الحق لكل فئات المجتمع وقواه السياسية أو الفكرية .

وهنا نعني بحرية الصحافة " حق الصحفي في الحصول على المعلومات وعرضها على الناس كحق من حقوقهم ما دامت هذه المعلومات لا تتنافى مع أخلاقيات المهنة " .

وكما أن الصراع باق ومستمر ، وكلاهما يحتاج إلى الآخر ، فالسياسيون يرغبون دائماً في السيطرة على الصحافة وإخضاعها تحت أجنحتهم ، وتسخيرها في خدمة مصالحها ، فحرية الصحفي ومسؤوليته آمران لا ينفصلان ، فالحرية التي لا تقترن بالمسؤولية تغري بتحريف الأنباء وبانتهاكات أخرى ، غير أنه إذا انعدمت الحرية استحالت ممارسة المسؤولية .

ويتضمن مفهوم الحرية مع المسؤولية بضرورة الاهتمام بأخلاقيات المهنة ، ويستلزم معالجة عادلة للأحداث مع المراعاة اللازمة لجوانبها المتعددة .

إن إدراك المرء لحقوقه ليس كافياً لتأمين انتهاكاتها ، لذلك فإن المسؤولية الرئيسية على عاتق وسائل الإعلام هي فضح هذه الانتهاكات وإدانتها .

وفي فلسطين يعاني الصحفي ناريين ، نار الوضع السياسي السائد والغير معروف له بصيص من أمل بإشراقة صبح جديد يعيد لنا جو الحب والوئام الأخوي ، ودفئ الحرية والرأي والرأي الآخر ، دون قيود وعبارات نابية من هنا أو هناك ، بعيداً عن المسؤولية لأخلاقيات المهنة الصحفية ، منجراُ الصحفي وراء الوضع السياسي الغير طبيعي .

هذا بالرغم أن القانون الفلسطيني كفل حرية الصحافة ، ولكن الواقع على الأرض عكس ذلك ، وما نراه من ممارسات لاعتقال الصحفيين أو كسر كمراتهم ، خير دليل على هذه الممارسات الغير قانونية والغير أخلاقية في حقنا كشعب مناضل ، يجب أن يكون القلم والورقة والكلمة هم السلاح الفعال في ظل الهيمنة الإسرائيلية والحصار الخانق ، الذي لم يمر على شعب في العالم أن حرم فيه مثل هذا العدد من الناس من الغذاء والدواء .

وفي ظل الهيمنة الأمريكية على العالم و العنصرية الحاقدة المتمثلة في إسرائيل وتحت رعاية الأولى تنفذ نفس السياسة التي تمليها عليها عنصريتها ، وبأدوات الديمقراطية الأمريكية التي تصدرها لها ، تقتل الصحفيين والأطفال والنساء دون تميز وبدم بارد ، فقتل جنود ها المصور الصحفي فضل شناعة بكل أنانية وغير مسؤولية قانونية فالقانون الأمريكي يكفي أن يحميها وإدعاء الديمقراطية والحرية يخفي وجهها القبيح ، وبنفس نوع السلاح الذي صوب عند اعتقال سامي الحاج نفذت جريمتها ، فهوس القوة المفرطة الذي يعشعش في عقليتها ذهب بها مع جنون بوش ، إلى اعتقال الصحافة لمجرد أرادت نقل الحقيقة لمدة ست سنوا ت عاشها المصور الصحفي سامي الحاج دون أي ذنب ارتكبه ، سوى أنه أراد نقل الحقيقة فقط ، فالسياسية الإسرائيلية لا تختلف عن أمها الأمريكية فهي تسير في نفس النهج لقتل الحقيقة ، كما أنها لا تختلف عن الأنظمة المنساقة وراء السياسة الأمريكية والأملاءت الصهيونية .

إذاً ما الحل وكيف تتم المواجهة والخروج من مأزق كتم الأفواه وتفجير الكمرات وقتل الصحافة ، الحل هو الصمود ثم الصمود ولا خوف ولا إرهاب عندما ننقل الحقيقة بموضوعية وعدم الخوف ممن يقومون باضطهاد الحقيقة من قريب أو بعيد أو من عدو أو حبيب .



أستاذ الإعلام والعلاقات العامة

جامعة الأقصى


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دور الإعلام في دعم الحوار والسلم الأهلي

حرية الرأي والتعبير في الصحافة والإعلام