سمات تعليم الإعلام واتجاهات المستقبل


سمات تعليم الإعلام واتجاهات المستقبل



بقلم الدكتور / زهير عابد



تمر العملية التعليمية في أقسام الإعلام في قطاع غزة في حالة صعبة ، فالأرقام مذهلة عن عدد طلاب الإعلام في الكليات وأقسام الصحافة والعلاقات العامة في قطاع غزة ؛ فقد وصل عدد الطلاب الخريجين إلى المئات من الطلاب ، وأن أعداد هؤلاء الخريجين في ازدياد مستمر ، دون دارسة استكشافية توضح حاجة المجتمع إلى هذا الكم الهائل من الخريجين ، والذي للأسف في المحصلة يكون مصيرهم ضحايا للوضع الاقتصادي والسياسي السيئ في فلسطين، وأنهم سيتحولون إذا ما استمر هذا الحال إلى نواة لتفكك الاجتماعي ، ينضج على نار هادئة كونهم سيطالبون لاحقا بثمن ما قدموه ماديا وزمنيا. فنموذج التعليم الحالي للإعلام يميل إلى الأساليب الكمية لا النوعية، وينظر له على أنه مورد اقتصادي للجامعات ، وهنا نكتشف تناقض مع حقائق الواقع، فمن الناحية النظرية الإعلامية يروج ذلك إلى أننا ننظر إلى المستقبل المتطور والواعد، في حين أن الواقع يقول غير ذلك .



فعلى الأرض لا يزال واقع التعليم الإعلامي على حاله دون أي تغيير لافت، وربما يكون الدليل الأقوى على ذلك هو استمرار اهتمام الإعلام والصحف خصوصاً به، ولهذا من منطلق الحرص على تخريج إعلاميين مميزين يتمتعون بكفاءة علمية وشخصية عالية تؤهلهم خوض هذا المجال ، وبلغة ناقدة فيها شيء من التحليل يجب علينا أن نقوم مكونات العملية التعليمية والتدريبية للتعليم والتدريب الإعلامي ، والتعرف على مكامن الخلل في مؤسسات التعليم والتدريب الإعلامي ، واستشراف الآفاق المستقبلية للتعليم الإعلامي الخاصة بالأنظمة والخطط والمناهج التعليمية والتدريبية في مؤسسات التعليم والتدريب الإعلامي، مثل اعتمادية البرامج ، ومتطلبات التخرج، والخطط الدراسية، والمراجع وبحوث الإعلام ، وأن نعترف بالمستوى المتدني لتحصيل العلمي والتدريبي لخريجي الإعلام ، وعدم وضوح سياسية القبول في كليات وأقسام الإعلام ، فللأسف أن معدل القبول فيها متدن جداُ، وهذا عكس كليات الإعلام في الخارج التي يصل معدل القبول فيها إلى 90% ، كما أن الموصفات الشخصية والثقافية والعلمية للطلاب لا تتناسب مع مواصفات الإعلامي المتميز ، وأن نعترف بضرورة استبدال المناهج الحالية لتتناسب مع التطور التكنولوجي والعلمي وليس إصلاحها فقط، وبأدوات عمل جديدة.



ويتفق الإعلاميون عموماً، أن تطوير هذا القطاع هو أساس للنهضة والتطوير، وأن بقائه على حاله يهدد بمشاكل اجتماعية واقتصادية خطيرة، في حين يذهب البعض الآخر بعيدا باعتبارهم أنه لا يوجد ربط أساسي بين الواقع النظري والعملي، والسياسات التعليمية البيروقراطية كلها تُفرغ التعليم الإعلامي من محتواه، وعدم ارتباطه بالحاجة العملية للمجتمع ، ويتساءل البعض عن جدوى استيعاب أعداد أخرى من الطلاب وزيادة عدد الخريجين بدون وجود شواغر في سوق العمل .



لهذا يجب أن نكشف الحقائق التي توضح عمق المشكلة التي يعاني منها هذا الواقع الأليم للتعليم الإعلام ، وكيفي يمكن الخروج من هذا المأزق ؟ لكي يكون لدينا إعلاميين على درجة عالية من الكفاءة والتميز والتنافس مع الإعلاميين في أي مكان ، وأن نقوم بدراسة الوضع بجدية وموضوعية لتخليص التعليم الإعلامي مما علق به من مشكلات حتى لا نقع في مطبات الفرص الضائعة.



وأن تنتهج كليات الإعلام وأقسام الصحافة نهجاً تعليمياً متطوراً تأخذ في عين الاعتبار الثقافات الجديدة الخارجة من المجتمع المعلوماتي، ولكون أبرز أهداف مؤسسات التعليم والتدريب الإعلامي، يتمثل في تهيئة الكوادر الإعلامية القادرة على مواكبة التغيرات الاتصالية الحديثة، والمؤهلة مهنياً وتقنياً للوفاء بالحاجات المستجدة لسوق العمل الإعلامي، عبر تقويم الوضع القائم في مختلف الجوانب المتصلة بالتعليم الإعلامي; في مرحلتي التعليم الجامعي والدراسات العليا، إلى جوانب تقويم العملية التدريبية التي تتم في تلك الكليات والأقسام بما يمكن من استشراف الآفاق المستقبلية للتعليم والتدريب الإعلامي .



وكذلك معالجة الكفاية العلمية والمهنية لأعضاء هيئة التدريس في مؤسسات التعليم والتدريب الإعلامي، من خلال مناقشة معايير تعيين أعضاء هيئة التدريس، وبرامج تأهيل وتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس، وتقويم أدائهم ، ومدى توافر الرضا الوظيفي لديهم ، والاهتمام ببرامج التدريب العملي في مؤسسات التعليم والتدريب الإعلامي ، كما نرى أن الحل يكمن في إقامة ورش عمل مصغرة وفعالة لمناقشة الموضوع والخروج بحلول ناجعة تطبق على أرض الواقع ، لا أن تضع على الأرفف .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دور الإعلام في دعم الحوار والسلم الأهلي

حرية الرأي والتعبير في الصحافة والإعلام