الحل ... ميثاق الشرف

الحل ... ميثاق الشرف


بقلم الدكتور.. زهير عابد

لقد انعكست الخلافات السياسية الفلسطينية على أداء العديد من المؤسسات الإعلامية المحلية ، حيث أنها أصبحت تتحكم في الكلمات والصور التي تنشرها وسائل الإعلام ، وأفرزت أوضاعاً غير مقبولة، وسجلت عدداً من الانتهاكات ، مثل الاعتداء على الصحفيين في أكثر من حادثة و موقع، وتشويه صورة الشعب الفلسطيني أمام العالم ، ولجوئها إلي لغة التحريض وزرع الأحقاد والكراهية وتنمية التعصب ورفض الآخر ، والتلاعب بالألفاظ و المصطلحات المستخدمة لتوصيف الأحداث خدمة لأهداف خاصة مع العمل على تضخيم بعض الأحداث تحقيقا للإثارة الموتورة و تزييف الحقائق و محاولة تزييف وعي الجماهير ، و استنزاف الجهود في الرد و الرد المضاد ، و العمل على توتير الأجواء ، و تسميمها ، ومصادرة الحريات و الآراء ، مع الاعتداء على حق المواطنين في الحصول على المعلومات الصادقة حول مجريات الأحداث ،والتضحية بالموضوعية ، و المصداقية ، والحيادية ، مما عمق الخلاف بين أبناء الشعب الفلسطيني ، بالرغم من أن الإعلام يعتبر مرآة حقيقية للمجتمع والبيئة التي يصدر عنها وفيها ، وينقل هموم الناس وآمالهم ويعالجها؛ فهي أزمة أخلاقية , بالإضافة إلي القصور في الخبرة المهنية والمعرفية لدي الإعلاميين .

والمشكلة الأساسية تتمثل في مدى وعي والتزام إعلاميونا بأخلاقيات مهنتهم السامية ، وما تفرضه عليهم هذه المهنة من الحفاظ على خصوصية الأفراد ، والحفاظ على أسرارهم ، والعمل بحيادية ، ومهنية والمسؤولية الاجتماعية للصحافة ، ودورها في خدمة المجتمع. إن أكثر المشاكل التي أثيرت في مجتمعاتنا البشرية قاطبة كان سببها عدم التزام الصحفي بأخلاقيات المهنة وبعادات وتقاليد المجتمعات.

فأخلاقيات المهنة تؤثر بشكل فعال على القائمين بالاتصال، أو تحمي التدفق الحر الإعلامي. فإن الفرد كائن حي عقلاني وأخلاقي وإن أخلاقياته تحدد له ما يجب المحافظة عليه ، فالإعلام كمهنة تقوم على أسس من الأخلاق واجب التحلي بها لكل فرد يمتهنها، فقبل أن نتطرق إلى أخلاقيات المهنة يجب أن نتعرف أولاً على القضايا التي تمس الإعلام والتي يجب أن يتمسك الإعلامي بأخلاق مهنته والتي تتجلى في : السلطة والواجب، والحرية ،والمسؤولية ، والحقيقة، والتعددية،والاختلاف، والصالح العام، واحترام الآخر وهي من مضامين العمل الإعلامي الحر من الصعب تجاوزها حين نتطرق إلى قضايا الإعلام.

ومن هنا تأتي أهمية أن نحمل مسؤولية إيجاد ميثاق شرف إعلامي فلسطيني شامل- يوصل ويحلل المعلومة بمصداقية ويعبر عن وجهة نظر إعلامية فلسطينية حقيقية- في ظل قوانين وأنظمة ومواثيق إعلامية تصون وتحمي الإعلامي والإعلامية الفلسطينية وحقهم في الوصول إلى المعلومات دون مسائلة من أحد إلا في حال عدم التقيد والالتزام بميثاق الشرف الإعلامي الفلسطيني .

ميثاق شرف يجمع عليه الجميع من مؤسسات إعلامية والقائمين عليها ومن رجالات الإعلام بسيط في مضمونه لكنه فعال وقوي في رفض التشهير وتصفية الحسابات والتحريض على الكراهية وكتابة الشائعات والأخبار غير الموثوقة .

وهنا يقوم الإعلام على حقين، حق التعبير وحق الاطلاع، وهو يكمن بالتالي في صلب كل نشاط إنمائي على صعيد المعرفة والثقافة والتربية، ولذلك تعين عليه أن يعمل على تأكيد القيم الدينية والأخلاقية الثابتة، والمثل العليا المتراكمة في التراث البشري، وأن ينشد الحقيقة المجردة في خدمة الحق والخير، ويسعى إلى شد الأواصر وتعميق التفاهم والتفاعل والتبادل مادياً ومعنوياً في المجتمع العربي الفلسطيني .

وكذلك العمل على تعميق العلاقات الاجتماعية وتأكيد السلوك الاجتماعي المقبول وتأكيد الأصالة والمعاصرة والحرص على مواكبة العصر؛ لذلك نؤكد على المطالبة بضرورة وضع قواعد وتشريعات وقوانين صارمة تحكم الإعلام الفلسطيني يعد إنقاذاً وإنصافاً للمشاهد والقارئ الفلسطيني ، وأن تكون ملزمة للإعلاميين الفلسطينيين يتم بمقتضاها عدم الإضرار بالسلوك وتخدم المجتمع، وخاصة البعد عن ثقافة الكراهية .

ويهدف الميثاق إلى إيجاد ثوابت وطنية ومبادئ أساسية وأخلاقيات مهنية وسلوكيات يتبعها العاملون في المرئي والمسموع إلى تشجيع واحترام الرأي والرأي الآخر والالتزام بالمصداقية والدقة والحيادية والموضوعية والمسؤولية المهنية في العمل الإعلامي.

وأن يكون مضمون هذا الميثاق يحتوي على : الالتزام بحق المواطن في المعرفة من خلال التدفق الحر للمعلومات والأخبار ، وضمان حق الحصول عليها بما لا يمس المصالح العليا للوطن ،وعدم المساس بالوحدة الوطنية والأمن الوطني،وكذلك الامتناع عن الإضرار بالنظام العام ،والامتناع عن التحريض على العنف والكراهية ، أو إثارة النعرات العشائرية والعائلية ، أو الحض على الإرهاب والتفرقة العنصرية أو الدينية ،وتعزيز حرية الرأي والتعبير ، ومراعاة التعددية ، والالتزام بالمصداقية والموضوعية والتوازن والمهنية وجودة المحتوى ،واحترام المسؤولية الاجتماعية للإعلام تجاه المجتمع ، والحيادية والابتعاد عن المنافع الشخصية ، وممارسة النقد البناء وكشف مواطن الفساد والتقصير المختلفة ،و احترام حريات الآخرين وخصوصياتهم ، وصيانة حقوقهم واحترام الحياة الخاصة للأسر والأفراد ،و عدم استخدام وسائل الإعلام للتشهير وانتهاك الخصوصية للإفراد والجماعات ، واحترام الكرامة الإنسانية ، واحترام الذوق العام ، والاحترام المتبادل بين وسائل الإعلام المرئي والمسموع العاملة والالتزام بالمهنية وشروط الترخيص والتنافس الشريف.





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دور الإعلام في دعم الحوار والسلم الأهلي

حرية الرأي والتعبير في الصحافة والإعلام