دور الإعلام في دعم الحوار والسلم الأهلي


دور الإعلام في دعم الحوار والسلم الأهلي

دور الإعلام في دعم الحوار والسلم الأهلي



إن الحوار هو لغة العقل وهو نوع من التشاور بين المتحاورين حول موضوعات مختلفة عليها نتيجة طرح كل فريق وجهة نظره والحجج الداعمة لها ، توصلا إلى قواسم مشتركة ترضي كل الفرقاء المتحاورين.

كما إن الحوار الوطني يحتاج إلى دعم، وأن السلم الأهلي والوحدة الوطنية يحتاجان إلى دعم، وترسيخ وتنفيذ اتفاق القاهرة ومكة ووثيقة الأسرى كلها تحتاج إلى دعم ، ويعتبر مدخل إلى تسوية الخلافات وحل النزاعات .

وينظر إلي الحوار كواحد من تجليات الديمقراطية التبادلية، التي يجب أن نحرص عليها في فلسطين لأن الديمقراطية التعبيرية والنقاشية هي من صفات شعبنا المقاوم ، الذي من المؤكد يعرف قيمة الكلمة ودورها وتأثيرها في صناعة القرارات الوطنية الصلبة. زمن الانقسام الحالي ، الذي نعيشه بتحدياته ، وارتقاباته ، وتوقعاته ، ومخاوفه ، ومحاذيره، ونواكبه بحدسنا وحسنا لأننا نراهن على النيات الصريحة، والضمائر الواعية، والطروح الانفتاحية، التي هي من أساسيات تحرير فلسطين الذي نتطلع إلى مستقبله الزاهر. والكلام على الحوار كفعل وطني، وكفن من فنون الديمقراطية الصريحة والصحيحة، يقود إلى الكلام عن دور الإعلام في تحصين الحوار، وشرح فلسفة هذا الحوار وانتظاراته.

حيث تلعب وسائل الإعلام دوراً هاماً في الحياة السياسية نظراً لتأثيرها المباشر في شرائح المجتمع ، وبالتالي في تحليها بأقصى درجات الوعي والمسؤولية عن طريق توخي الأمانة والموضوعية والحيادية في نقل الخبر .

إن الديمقراطية تزداد قيمة وعلواً حين تقترن بوسائل الإعلام بوجه عام المقروءة والمرئية والمسموعة ، حيث تعد وسائل الإعلام احدي وسائل التعبير عن الرأي في المجتمع الديمقراطي ، وأن النظام الديمقراطي السليم هو الذي يكفل حرية الإعلام، ويعطي للإعلام دوراً بارزاً في تكوين الرأي العام المتميز الذي يحقق أهداف المجتمع ويصون للفرد حقوقه وحرياته الأساسية .

وأهمية الدور البناء الذي يمكن أن تقوم به وسائل الإعلام لتحقيق التنمية الشاملة في المجتمع وذلك من خلال إمداد الأفراد بالمعلومات والحقائق التي تساهم في إحداث التنمية ، وتزويدهم بالمهارات الجديدة اللازمة لإنجاح جهودها ، إلى جانب التأكيد على أهمية دورها في عملية الإعداد الثقافي لعقل الفرد التي تتحدد أهدافها وأساليب تحقيقها في إطار خطة متكاملة للتنمية الشاملة .

وإذا استطعنا منع الاقتتال والحرب الأهلية، كمهمة مركزية مباشرة، لا بد من الانشغال في التركيز على بناء نظام سياسي ديمقراطي يحقق وحدة الشعب على رؤية إستراتيجية واحدة تنطلق من احتياجات الشعب بوصفه يمر بمرحلة تحرر وطني، وتضع السلطة في خدمة هذه الإستراتيجية، وتعيد بناءها على أساس أنها وسيلة ومجرد مرحلة، وسلطة للوطن لا للفصائل، تبنى على أساس معايير الكفاءة والنزاهة والإنتاجية والوطنية،


ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وترسيخ استقلال القضاء وحمايته وحرية الإعلام والمساواة وتكافؤ الفرص، وتحييد أجهزة الأمن ووضعها في خدمة المواطن والوطن وتحت سيادة القانون وواجبها حفظ الأمن والنظام العام، بدلاً من أن تكون طرفاً من أطراف الصراع



تعزيز دور الإعلام عبر توصيات ومشاريع قوانين وقرارات تقدم للحكومة الفلسطينية والمجلس التشريعي من اجل تأصيل ثقافة السلم الأهلي والصلح الاجتماعي والأمن والاستقرار وسيادة القانون بدل سيادة فكر وثقافة الإلغاء والإقصاء ، وثقافة عبادة الفرد, واعتبار العنف وسيلة أساسية لتحجيم الخصم السياسي, الأمر الذي اجبر كثير من الفلسطينيين على الانخراط في سياق هذه الثقافة أو رفضها, وبالتالي خسر فيها الشعب الفلسطيني كثير من إمكانياته في مواجه إسرائيل .


ان تعزيز هذا الدور يتطلب توسيع مشاركة الإعلام ،وتوفير الإمكانيات اللازمة للعب هذا الدور،وتأكيد تأثيره ونفوذه،عبر تقديم رؤى وأفكار ومشاريع وخطط عملية وواقعية،إضافة إلى تعميق مشاركتها في العملية السياسية ، وتحصين المجتمع من موجات العنف, وتصفية الحساب مع إيديولوجيا الحسم العسكري الساعية لعرقلة الاستقرار وتردي الأمن وتعريض المجتمع إلى مخاطر الانزلاق في صراعات مستمرة ونزاعات مسلحة.

تواجه الإعلام إلى مهمات مختلفة، تبدأ من المساهمة في تخفيف حدة الخطاب السائد وتخليصه من عناصر ومفردات الإلغاء والتشهير والتحريض، إلى ابتداع خطاب سياسي ثقافي مفعم بروح القوانين وسيادة الدستور, باعتباره المعيار الأساسي للحكم وتبادل السلطة وبناء العلاقات الوطنية وبلورة شخصية المواطن وتحقيق العدالة والمساواة والسلم الأهلي،وانجاز المصالحة الوطنية اللازمة للتخلص من ارث الماضي وبناء العراق الجديد.

من شانه أن يرسخ دوره كسياج ثقافي للسلام والأمن, وإبراز الهوية الفلسطينية باعتبارها هوية سلمية قادرة على الاندماج والوحدة،وقابلة للتعامل مع المتغيرات التي جاء بها النظام السياسي, ودفع عملية السلم الأهلي عبر بناء قاعدة ثقافية وفكرية ذات طابع حقوقي للمصالحة الوطنية.

إن الإعلام ذات مسؤولية في حماية النظام السياسي القائم على الانتخابات والشرعية الدستورية, لأنه الضمانة لمشاركة الجميع على أسس التعددية ومشاركة جميع القوى السياسية والاجتماعية والفئات المؤثرة في المجتمع والفكر السياسي.

كما يعتبر الإعلام مسئولاً أيضاً عن الأفكار والرؤى العميقة لمجتمع فلسطيني يعيش سلما أهليا وانسجاما وطنيا من خلال الجدل الموضوعي حول أكثر القضايا سخونة في الشأن الفلسطيني, وصولا إلى وحدة موقف وطني, ووحدة مسؤولية من خلال الاختلاف في وجهات النظر لدعم الديمقراطية والشرعية والاستقرار في فلسطين .

إن الإٍعلام يملك من الرؤى والأفكار والحلول ما يمكن أن يساهم في توسيع العملية السياسية وإرساء ثقافة السلم والتصالح القائم على الحق والعدالة والمساءلة والعفو لعبور منطقة الألغام التي تسعى أطراف متعددة رافضة لاستقرار فلسطيني ومتنكرة لمصالح الفلسطينية .

ومن المؤسف أن أقول أن الإعلام ساهم في ثقافة إلغاء الأخر، وثقافة الفساد ، وثقافة عدم احترام الخلاف في الرأي. وكانت ممارسة ثقافة الإلغاء هذه محروسة باديولوجيا العنف باعتبارها السبيل الوحيد للقضاء على هذا الاختلاف.

إن الشعب الفلسطيني بحاجة ماسة إلى السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي، وان الوصول إلى السلم الأهلي لا يتم إلا بسيادة القانون وتوفر العدالة والعفو للوصول إلى مجتمع التسامح.

واستخدام الإعلام لسعادته بدل من استخدامه استخداما تدميرياً للتحريض على العنف والقتل والتخريب والفتن, وتبادل الاتهامات وتصعيد الصراعات لتدمير المجتمع الفلسطيني وجعله في حالة خوف وذعر.

معالجة تأثير الحرب الإعلامية التي تسعى لإشعال الفتنة والانقسام والتحريض ضد المواطنين الفلسطينيين ومعاداة الديمقراطية والتأثير على الاستقرار السياسي والاجتماعي، وأوصوا بإنشاء مشروع إعلام مقاوم مستقل ومهني بعيدا عن الرقابة والوصاية والتوجيه واحترام مهنيتة واستقلاليته وعدم زجه في الصراعات الحزبية .

مما سبق أوصي الإعلام والقائمين على الاتصال في فلسطين على :

1- العمل على بناء إستراتيجية خاصة بإعلام الحوار.

2- التحاور بين القائمين على وسائل الإعلام المختلفة ، لوضع ميثاق شرف إعلامي، تركز بنوده على فلسفة الحوار ووظيفته وسلوكيات الإعلاميين.

3- وضع مصطلحات وتقنيات خاصة لإعلام الحوار تساعد على فهم المعنى المباشر للكلمات، منعاً لأي تفسير خاطئ للمدلولات.





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حرية الرأي والتعبير في الصحافة والإعلام