انتصار شعب

انتصار شعب


بقلم : د. زهير عابد
الشعب يريد إسقاط النظام، احذروا الشعوب إذا غضبت، أنها ثورة الشعب العربي في تونس ومصر، أعادة للإنسان العربي وجهه الحقيقي وكرامته وعزته للإطاحة بالأنظمة الاستبدادية التي التهمت ثروات الشعب العربي من المحيط إلى الخليج، وطغت وعاثت فساد في البلاد فآتها الله بسوط عذاب، و أثبت أنه يوجد شباب عربي قادر على إعادة الأمة إلى وضعها الحقيقي ومكانتها بين الأمم بعد، ونشلتها من حالة الذل والهوان، وتعدي القاصي والداني عليها والتدخل في شؤونها من أذلهم الله من اليهود والهندوس.
إن إرادة الشعوب فوق إرادة كل شئ، ولا يحق لأحد أن ينزعج من هذه الإرادة، فالوحدة العربية ترجمة لقناعة كل فرد عربي وهذا ما شوهد من تفاعل الشعوب العربية وبدون استثناء مع ثورة تونس ومصر، ولكي نزيل الوهم التي تعيش فيه حكام الأمة المتخاذلين لنعيد للأمة كرامتها وانتصاراتها وعزتها.




والآن تمد الشعوب يدها بكل صدق للحكام الجدد والقدامه للنهوض من جديد؛ لأن هناك شعوب تريد تغيير النظم الفاسدة، وما من أحد منهم باق إلا وجه الله ربك ذو الجلال والإكرام، وقد ذهبت قبلهم عاد وثمود وفرعون، وإذا ما استمرت فئة الشباب بهذا الحماس والوتيرة فسوف تكون بديلة لنخبة والحزبية الحاكمة، فالآن عصر الفيس بوك وتوتير الذي ينقل حالة الفقر والبطالة ونهب ثروات الشعوب، فالأمة الآن في حالة زلزال يهز عروش الطغات ومن يحالفهم؛ وهذا يؤكده الخوف الأمريكي الإسرائيلي مما حصل في مصر ومن شبابها القادر على تغير معادلة التاريخ ليرسم تاريخ من جديد، وتبعث رسالة للآخرين قادمون لا محالة إلى الزمن القادم وهم أهله وعليه أن يحسبوا له ألف حساب.

بالرغم من كثرة انجازات الثورة في مصر وتونس إلا أنه هناك ملامح من الخوف هنا وهناك من أن يكون التغيير القادم فقط في شخص دون أشخاص النظم، لذا يجب أن يكون التغير للأنظمة ورموزها واقتلاع الفساد من جذوره، لأن الملاحظ من يلتف على الثورة فيحاول سرقتها من الأنظمة الفاسدة، فنجد حزب بن على ما زال على سدة الحكم، وفي مصر مازالت حكومة شفيق تسير الأعمال، وهنا يقع الخوف من القادم.
والملاحظ أيضاً بعض الأنظمة سارعت في إعطاء المنح والمساعدات للفقراء لعلها تحاول إنقاذ نفسها محاولة الضحك على الشعوب لتشتري أفئدتها. وبعض الحكام أقال حكومته يسابق الزمن لإنقاذ نفسه أمام الرٍأي العام لشعوب العربية معتقداً أنه يخدع شباب الأمة التي تعيش الآن صحوة إسلامية عربية، لتعيد مكانتها بين العالم لتكون قوية، وتصادق الشعوب المحبة للسلام، وعلى الشعوب أن تسخر إمكاناتها لتكوين مركز اقتصاد عالمي من أجل وطن عربي قومي، فالشعوب العربية ذات إرث تاريخي قديم وحضاري لا يمتلكه كثير من شعوب الأرض، والصوت الأقوى في المستقبل الإنساني هو صوت الأمة.



فكلنا يكون فرحاً عندما تقود مصر الأمة إلى عودتها بفاعلية مؤثرة في المنطقة العربية والعالم، وسوف تعزز القيم والمبادئ الإنسانية، وتعمل على تقوية دور الوطن العربي الإقليمي والدولي في العالم، إذا كانت ترتكز على الحقوق الإنسانية والرفاهية لمجتمعها فإنها سوف تنجز مشاريع كثيرة في المنطقة مع تحالفها مع الدول الداعمة لها في الأمة العربية والإسلامية لا تحالفها مع الصهيونية العالمية، في أطر قوية من خلال الكسب المتبادل، إذا اتحدت مصر مع إقليمها المحيط من الدول العربية والإسلامية، وسوف تصبح المنطقة أكثر جاذبية ونمو ومستقبل زاهر، فسوف تترك للأبناء والأحفاد ما يفتخرون به فتؤثر في مسار التاريخ.
ويثير الأمل في عودة المصريون إلى مكانتهم في الأمة العربية والإسلامية، فلا يحق لأحد أن ينزعج من التطور التاريخي في مصر وتونس، فيجب على الأمة أن تعيش تجربة الديمقراطية من خلال تلبية حاجات الشعوب إلى الحرية، ولا تشعر الحكومات القادمة من الدين وأن تقتنع بأنه هو الخطر على تطور الأمة والاستقرار في المنطقة، ولدينا تجربتين في الأمة الإسلامية حكمت فيها الأنظمة الإسلامية وشاهدنا مدى التطور الذي حصل في هذه الدول، وكيف أنها استطاعت أن تكتفي ذاتيا وتعتمد على نفسها في رسم تاريخها، وتخطو باقتصادها إلى الأمام.

كما أنها لا تخشى المواجهة مع إسرائيل وأن تقتنع أنها سرطان في الأمة يجب أن يقتلع من جذوره، لا أن نعالجه باتفاقيات تقيد الأمة وتحد من حريتها على أراضيها، وأن نعمل على فهم الشعوب الثائرة وأنها قادرة على التغير في أي وقت أرادت ذلك، وأن نعمل على تطوير بلادنا اقتصاديا واجتماعيا، وأن نواكب نهر التاريخ المتدفق ونسير معها ومع تيارها واستغلال الطاقة المنبعثة من هذا التدفق.
وعلينا أن نبني أفكارنا بهدوء من أجل أن نبي الأمة، وننطلق إلى الأمام، وأن نسير مع الثورة الاجتماعية للشباب العربي، ونشد على يديه، فالبقاء للشعوب ولا بد الشعب ينتصر والطغات إلى الهاوية، وأن نحافظ على نبض الشارع المتوهج، ولكي يقتنعوا بأن الشعوب ليس قطعان تساق كما يريدون، وعليهم إعادة حساباتهم فهم قادرين على إسقاط الطغيان، وأنا أعتقد أن الشعوب تستطيع أن تفتح أفواها في كل مكان وليس عند طبيب الأسنان فقط.

 د. زهير عابد
عميد كلية الإعلام - جامعة الأقصى


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دور الإعلام في دعم الحوار والسلم الأهلي

حرية الرأي والتعبير في الصحافة والإعلام