الدراما العربية في رمضان



 الدراما العربية في رمضان

تتنافس وتتصارع القنوات والفضائيات العربية بتقديم الدراما العربية من مسلسلات وبرامج وأفلام في شهر رمضان الكريم على وجه الخصوص دون أشهر السنة... وتقوم بالتمهيد لها بحملات إعلامية وإعلانية مكثفة طيلة السنة، وهل المشاهد العربي لا يشاهد المسلسلات إلا في شهر رمضان ويعكف عنها في باقي أشهر السنة...لماذا...؟ سؤال يستحق منا التأمل فيه جيدا والتمحيص للبحث عن الدوافع والأهداف من وراء تزاحم الدراما العربية في شهر رمضان.
إن المتتبع لهذه الدراما يجد أنها في الغالب مسلسلات مكررة ومنسوخة عن مسلسلات أجنبية، وفي غالبها هابطة، ولا تقدم جديد للمشاهد، وتحاول أن تلهي المشاهد فقط من خلال طريقة العرض المفبركة أومن خلال استخدام المؤثرات الإخراجية، ولكي نكون منصفين فهي تتناول في بعض  الأحيان بعض المشكلات الاجتماعية المنتشرة في المجتمع العربي وتحاول معالجتها ولكن كثير ما تخلق مشكلات أكبر من المشكلات التي تناولتها.
فهي قد تخلق نمط جديد من العادات والتقاليد الدخيلة على مجتمعاتنا العربية الإسلامية المحافظة على دينها وخلقها، عندما تعرض لنا الحرية والديمقراطية بشكل يفشي إلى الفوضى وعدم الأخلاق بين الشباب فقط الذي في الغالب تستهدفه المسلسلات والقنوات ويقع من ضمن أولوياتها واهتمامها، نظرا لأنه مستقبل الأمة المستهدف أيضا من الاستعمار الجديد واعداء الدين.
لكن الخلل في نظري يكمن في المشاهد العربي الذي لولاه ما تجرأت هذه الفضائيات أن تقدم له ما لا ينفعه ويضره، فهو الذي خلق لها بيئة ومرتع خصب لنشر فسادهم وشجع هذه القنوات على عرض وتسوق ما تشاء من الكم الهائل من المسلسلات والبرامج الذي لو قسم نفسه المشاهد لوجد أنه أصبح فتات لا يستطيع أن يرى ويشاهد شيء من التزاحم في المعروض.
أي أن الإعلام هو الذي سعى جاهدا لإيجاد مناخ سائد لهذه الدراما في شهر رمضان بالذات مستغلا أن هذه الشهر الكريم الذي تجتمع فيه الأسر، وتتواصل فيه الأرحام، وتكثر فيه اللقاءات والجلسات الاجتماعية بين الاقارب والأصدقاء، بالإضافة إلى أن فترة الدوام الرسمي في شهر رمضان في كثير من الدول العربية تتقلص عن الدوام الرسمي في الأيام العادية؛ مما يتيح للمشاهد العربي المكوث أمام شاشات التلفاز وقضاء فترة أكبر من المعتاد.
 فشهر رمضان يعتبر من أكثر الأشهر استهلاكا للأعمال الدرامية والبرامج والمسلسلات الفنية من حيث المحتوى والإنتاج وطريقة العرض والإبهار، فهم يجهدون أنفسهم لتقديم أفضل عروضهم التي تجذب المشاهد لها.
وكم مسلسلا وبرنامجا تناول المسجد الأقصى وفلسطين وحكى عن المجاز التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين، فلا مقاربة بين ما يعرضون والقضية، بل يسعون إلى تشويه القضية وإقحام الفلسطيني في براثين فشلهم المستمر، بأنه هو السبب في مشاكلهم وأزماتهم التي هي من صنع انفسهم وإعلامهم وما يعرض من برامج ومسلسلات مستوردة الأفكار في الغالب، مكررة التكوين لا إبداع فيها، سطحية مشابه لبعضها البعض ومشابه للقديم منها، فهي لا تأتينا بجديد ينفعا في تطوير أنفسنا ويجعلنا في ركب الحضارة مع الاحتفاظ ببيئتنا نظيفة من شوائبهم.
ولكن للأسف إننا نعيش في ظل إعلام عربي مسيطر عليه من قبل من يتبعون الصهيونية والماسونية العالمية ويسيرون في دربهما. ومن هذا المنطلق نوصى بضرورة إعادة النظر في ما يعرض من مسلسلات وبرامج على أن يتم توزيعها على مدار أشهر السنة لأن العرض في شهر رمضان لوحده غير منطقي، كما أن تكرر نفس المواضيع ونفس الممثلين يخلق نوع من الملل عند الجمهور من خلال تركيزها على الفساد والسياسة واخفاء القيم الاجتماعية النبيلة والجوانب الانسانية الأخرى، مع ضرورة طرح وابتكار موضوعات جديدة في الدراما العربية والابتعاد عن الموضوعات التقليدية القديمة والمكررة. والله المستعان على ما يقدمون، وكل عام وأنتم بخير.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دور الإعلام في دعم الحوار والسلم الأهلي

حرية الرأي والتعبير في الصحافة والإعلام