قراءة في خطاب المقاومة



قراءة في خطاب المقاومة

قادمون.. زلزل زلزلت.. أضرب.. ستهزمون..حيوا .. مصطلحات كثيرة وردة في خطاب المقاومة لها دلالتها اللغوية والمعنوية على الشارع الفلسطيني وعلى الشارع الصهيوني؛ فهي ترفع من الروح المعنوية للشارع والمقاوم الفلسطيني، وتخر من عضد وعزيمة العدو وتبث الهزيمة في شارعه وفي جنده، لذا رأيت لا بد أن نوضح للقارئ ما هي الدلالات التي تعنيها هذه الرموز بالنسبة للمقاومة؟ وما هي الأهداف من التي تريد تحقيقها؟
قادمون في اللغة مفرد قادِم، وهي اسم فاعل من قَدَمَ، القَادِمُ من الإِنسان: رأْسُهُ، والقَادِمُ من الرَّحْل: أَوَّلُهُ، أي رجُلٌ قَادِمٌ إِلَيْنَا: آتٍ، والمفعول مَقْدوم، قدَم القوم: تَقَدَّمهُمْ، سبقهم فصار قدّامهم، أي أمامهم، أما معناها في خطاب المقاومة إننا قادمون إليكم برؤسنا لا نخافكم وصدورنا عارية لا تهاب الموت، وهم يقولون الله أكبر التي كانت صيحتها على جنود الصهاينة كالصاعقة كما عبر عن ذلك عدد منهم.
كما أشار أكثر من جندي صهيوني بأنهم كانوا يرون أشباحا تقاتلوهم لا أجسادا، وهذا تأكيد على عظيم شأن المقاوم في أعين الصهاينة، أي أنتم أيها المقاومون أشدّ رهبة في صدور اليهود الصهاينة من الله، أي يخافونكم أكثر من خشتهم الله، وذلك لأنهم قوما جبنا وليس لهم فكر، وهذا ما جاء في آيات الذكر الحكيم في قوله تعالى: "لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (13) لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ".
أما زَلزَل فعل يزلزل، زلزلةً وزِلزالاً، فهو مُزلزِل، والمفعول مُزلزَل زلزل الشَّخصَ: أزعجه، خوَّفه حذَّره. قال تعالى: "وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا"،
زلزل الشَّيءَ: هزّه وحرّكه حركة شديدة، قال تعالى: "إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ"، وقال تعالى: "إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا"، أي اضطربت اضطرابًا شديدًا زَلْزَل فلانٌ الماءَ: شَرِبَهُ أو سَلْسَلَهُ في حلقِه، ومعناها في خطاب المقاومة إننا قادمون إليكم كالزلزال، أي سوف نحدث لكم هِزَّة أرضيّة طبيعيّة تنشأ تحت أقدامكم، سببها قدومنا إليكم عبر شقوق الأنفاق كالبركان في هيجانه وإزاحته الصخور من حوله، وسوف نسقط البنيان فوق روؤسكم ونحرك الأرض من تحتكم، وسنكون إعصارا يجتاحكم ؛ لكي نهزمكم ونفوز عليكم في هذه المعركة مهما كانت عددكم وعدتكم.
وقالت المقاومة أضرب، والتي تعني كلمة ضرب في اللغة ضَرَبَهُ يضربه ضَرْباً وضَرَبَ في الأرض يضرب ضَرْبا ومضربا بفتح الراء أي سار لابتغاء الرزق يقال إن في ألف درهم لمضربا أي ضربا، وضرب الله مثلا أي وصف وبين وضرب الجرح ضَرَباناً بفتح الراء، وأضْرَبَ عنه أعرض وتَضَارَبا و اضْطَرَبا بمعنى والموج يَضْطَرِبُ أي يضرب بعضه بعضا.
والمقاومة عندما توجه الضربات بمختلفة أنواعها العسكرية من هاونات وكاتيوشا وصورايخ وقناصة ..إلخ، تطلب من المقاوم أن يضرب ولا يتردد لكي يضرب في مقتل العدو ويرعبه ويعيده محملا إلى ذويه ميتا بعد أن تضربه الملائكة بعد موته على دبره، قال تعالى: "إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ".
ستهزمون.. في اللغة   هَزَمَ:  فعل هزَمَ يهزِم، هزيمةً وهَزْمًا، وهزيمًا، فهو هازم، والمفعول مَهْزوم وهَزِيم، هزَم خَصمَه: كسَر شوكتَه وانتصر عليه، قهَره، غلَبه قال تعالى: "فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ" هَزَمَ الرَّعْدُ: أَزَّ، صَوَّتَ بِقُوَّةٍ هَزَمَ الشيءَ: ثَنَى بعْضَه على بعض هَزَمَ فلانٌ على فلانٍ: عَطَفَ
هَزَّمَ الْعَدُوَّ : كَسَّرَ قُوَّتَهُ وَانْتَصَرَ عَلَيهِ ، غَلَبَهُ ، هَزَمَهُ.
وهي نتيجة رغبت المقاومة في تحقيقها من خلال أنهم قادمون للعدو بكل ما لديهم من قوة أعدوها لهم من فوقهم ومن تحتهم ومن خلفهم، حتى زلزلوا وزلزلت الأرض من تحت أقدام الصهاينة الذي أصابهم الرعب من ضربات المقاومة في مقتلهم حتى هزموا وخرجوا مدحورين من أرض غزة العزة ويجرهم ذيل الهزيمة والخزي والعار.
فعاشت المقاومة، وعاش الشعب في غزة، وعاش الشعب الفلسطيني في كل مكان في عزة وانتصار، ولا نريد عربا ولا غربا، ونريد إيمانا قويا بالله وبقوتنا على تحقيق النصر، ونكون لهم دائما بالمرصاد حتى ندحرهم من كامل فلسطين وليس من غزة فقط، والرحمة لشهدائنا، والشفاء لجرحانا، والحرية لأسرانا. قالى تعالى: "وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ *أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دور الإعلام في دعم الحوار والسلم الأهلي

حرية الرأي والتعبير في الصحافة والإعلام